دراسة الاديان المقارنة
المسيحية والاسلام
يهدف هذا الموضوع الى معرفة وفهم مواطن الاختلافات الاساسية التى يرتكز عليها التمييز بين الديانة التى أوحى بها من الله وبين الديانات الاخرى ، والتى إن لم تكن قد جاءت من عند الله فلابد ان تكون قد جاءت من صنع الانسان.
ورغبة فى عدم تشتيت الفكر بين عدد من الديانات ، فسوف نقتصر هنا على ديانتين إثنتين فقط هما الديانة المسيحية والديانة الاسلامية ، وايضا لكى يتسنى للقراء الذين يتبعون الديانتين فرصة تناول هذه الاختلافات وبحثها بحثا ذاتيا على أساس الفكر الحر والمستنير ، وبتحليل ما جاء فى هذا البحث بطريقة منطقية تناسب العقل الواعى وما قد يقبله من بديهيات تؤيد الثوابت.
لقد ظهر الاسلام فى منتصف القرن السابع الميلادى ، وتاسس على يد رجل يدعى "محمد بن عبد اللاه" ، ولد فى صحراء بلاد العرب ، اى ان الاسلام جاء بعد حوالى 640 عام بعد المسيحية ، وقد قام الخليفة عثمان بن عفان بجمع النصوص المتواتره فى كتاب واحد أطلق عليه "المصحف الجامع" و "مصحف عثمان" وهو المتعارف عليه "القرآن" حوالى نهاية القرن السابع الميلادى.
إن عامة المسلمين يحفظون القرآن بصورة آلية للتلاوة ، أما القلة النادرة منهم فهى التى تدرسه بهدف المعرفة لاصوله ومصادره وتقوم بدراستها على اساس مقارن كماده دراسية قابلة للتحليل والنقد كما هو الحال فى دراسة جميع الاديان الاخرى ، كما تشمل دراستهم الاعتماد على الوثائق التاريخية والمخطوطات العربية وغير العربية كالوثائق التى خلفها اليهود والمسيحيون والوثنيون الذين عاصروا الاحداث.
وبمراجعة الكثير من هذه الابحاث التى تحفظ فى جامعات ومكتبات العالم لا يجد الدارس مشقة فى وضع يده على التناقضات الحادة فيما جاء من السور القرآنية وايضا وجود بتر فى الآيات حيث لا يرتبط نصفها الاخير بارتباط مكمل لنصفها الاول ، كما ان ترتيب الآيات لا يتفق مع التسلسل الزمنى للحدث ، وانما تم تصنيفها بحسب طولها وعدد الآيات المكونة لها ، وايضا يجد الدارس تكرار نفس الآيات مرات كثيرة بدون مناسبة فى السور المتعدده.
وفى هذا البحث سوف نعرض بعض الآيات القرآنية التى تشهد على ان التوراه والانجيل موحى بهما من الله وبانهما المرجع الاوحد الذى يرجع اليه المسلمين
إذا ساورهم الشك فيما يدعو إليه "محمد" فى المناظرات الدينية التى كانت شائعة عند العرب على اختلاف عقائدهم ، وايضا نسرد الآيات القرآنية المضادة والمناقضة والتى تشهد ضد وتطعن فى صحة التوراه والانجيل.
شهادة الاسلام للتوراه والانجيل
يقر ويؤكد الاسلام فى كتابه "القرآن" ان التوراه والانجيل موحيا بهما من الله ، وبان الديانتين اليهودية والمسيحية هما ديانتان سماويتان ويضع اليهود والمسيحيين فى مرتبة عالية ويثنى عليهم وعلى العلم والحق الذى لديهم وانهم الحافظون لكلام الله الموحى به.
وهذه هى بعض الآيات التى تؤيد ما نقوله:
سورة يونس 1:94
"إن كنت فى شك مما انزلنا إليك (يا محمد) فاسأل الذين يقرأون الكتاب (التوراه والانجيل) من قبلك (اليهود والنصارى). لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين (العصاه)"
سورة المائدة 5:42-44
"وكيف يحكمونك وعندهم التوراه فيها حكم الله ثم تتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين (الذين لا يحكمون بحكم الله فى التوراه). إنا أنزلنا التوراه فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا "بلغوا النبوة" للذين هادوا (تسلموها وعملوا بها) والربانيون (المعلمين) والاحبار (الكهنة) بما استحفظوا من كتاب الله (التوراه) وكانوا عليه شهداء (يشهدون بحكم الله فيه) فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتى ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله (فى التوراه) فأولئك هم الكافرون".
لم يقف الاسلام عند هذا الحد من صون للتوراه والانجيل ، بل دعى إلى ترسيخ مفهوم قدسيتهما بان ربط نفسه بهما ، فاخذ "محمد" بسرد قصة الخلق وسيرة الانبياء مكررا الاحداث التى جاءت بهما لكى يستمد منهما الشرعيه لدعوته كإمتداد لما سبق وجاء من قبل.
إلا ان إعادة سرد القصص والاحداث جاءت بصورة ناقصه ومبهمة ، فقد سقط الكثير من الاسماء والاماكن التى ذكرت ، وايضا التبست الاسماء مع زمن الاحداث (تحتاج أخطاء القرآن التاريخية إلى بحث مستقل) ويرجع هذا اللبس الى الاعتماد على المصدر الشفاهى للمتدارج الشائع بين القوم ، وغياب الاصل المكتؤب باللغة العبرية والآرامية واللاتينيه من الوثائق اليهودية والمسيحية المحفوظة فى أورشليم ودمشق والاسكندرية واثينا وروما.
شهادة الاسلام لليهود والنصارى
أراد الاسلام ايضا ان يضفى على اليهود والنصارى "لم يذكر القرآن كلمة المسيحيين " صفة المعلمون الحافظون للوحى الآلهى ، وانهم اصحاب الحكم فيما جاء بالتوراه والانجيل فاضفى عليهم لقب "اهل الكتاب" ، ونقدم هنا سورة قرآنية :
سورة المائدة 68:5
"قل يا أهل الكتاب (اليهود والنصارى) لستم على شىء حتى تقيموا التوراه والانجيل".
هذه السورة صيرت إقامة التوراه والإنجيل بما أوحى فيهما أساسا جوهريا للتصديق عليهما.
سورة المائدة 47:5
" وقفينا على آثارهم (الانبياء) بعيسى ابن **** (المسيح) مصدقا لما بين يديه (التوراه) وآتيناه الإنجيل فيه هدى ونور ومصدقا لما بين يديه من التوراه وهدى وموعظة للمتقين (اليهود والنصارى). وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه ومن لم يحكم بما انزل الله (فى الإنجيل من المسلمين) فأولئك هم الفاسقون".
نعود الآن بعد ان سردنا الآيات القرآنية المؤيدة لصحة وصون التوراه والانجيل والآيات التى تشهد لليهود والنصارى ، وكلها آيات يؤكد المسلمون ان تلاوتها جاءت على لسان "محمد" فى نصف القرن السابع الميلادى – لنرى الآيات المتضادة والتى يؤكد المسلمون ايضا ان تلاوتها جاءت على لسان "محمد" فى نفس الفترة الزمنية القصيرة من السنوا ت التى لا تتعدى عدد اصابع اليدين.
وقد يجدر الاشارة هنا ان المسيحيين يؤمنون بان "كلام الله قدسى - وله صفة كمال الله - ويستحيل ان يسمح الله بان يناقض اقواله الآلهية".
وقد جاء فى سورة الإنعام 34:6
"لا مبدل لكلمات الله"
إن الآيات القرآنية ليست فقط تناقض بعضها البعض بل ايضا تناقض التوراة والانجيل وتشكك فى صحتهما وتنعت اليهود والنصارى بصفة الكفر وتتوعدهم بالعذاب الاليم ، ونقدم هنا سورة قرآنية تؤيد ما نقول:
سورة التوبة 30:9
"قالت اليهود عزيز ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله. ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون (يتكلمون بالكفر متشبهين ) قول الذين كفروا من قبل (اليهود) قاتلهم الله (يشن الحروب عليهم ويقتلهم) أنى يؤفكون (كيف يكفرون)".
المسيحيون لا يؤمنون بان الديانة الاسلامية ديانة سماوية
المسيحية لا تقر ولا تؤمن ولا تقبل الاسلام كديانة سماوية جاءت موحى بها من عند الله ، إنما تنظر إليه كديانة ارضية من صنع الانسان مثله مثل الديانات الاخرى الشائعة والتى يتبعها ايضا ملايين البشر. ولا تقر بان القرآن موحى به من الله ، ولا تقر بان "محمد" نبى أو رسول مرسل من الله ، وعلى هذا المفهوم المسيحى سوف نقدم من الاسباب ما يرتكن اليه المسيحيون فى عدم تقبلهم للاسلام كديانة سماوية ، ويدخل فى محتوى بحثنا تعاليم المسيح "المسيا" والتى تاسس عليها الايمان المسيحى.
يتبع ...